«نازلى».. من «جحيم» القصر.. إلى «نعيم» الغرام
«نازلى».. من «جحيم» القصر.. إلى «نعيم» الغرام
كتب ميلاد حنا زكى ٨/ ١٠/ ٢٠١٠
كتب ميلاد حنا زكى ٨/ ١٠/ ٢٠١٠
بدأت قصة نازلى فى العناد عندما هربت من السلطان أحمد فؤاد فى يوم عقد القران. ويقول الكاتب محمد التابعى إنها لجأت إلى أحد أقاربها الذى كانت تحبه، إلا أن الفتى أدرك أن الأمر محسوم للسلطان فأعاد نازلى إلى قصر أبيها، وتم زواج السلطان أحمد فؤاد من نازلى فى قصر البستان بباب اللوق فى ٢٤ مايو عام ١٩١٩ فى حفل محدود على أضواء الشموع ضم أقاربها فقط، وكانت وقتها فى الخامسة والعشرين من عمرها بينما كان الملك أحمد فؤاد فى الحادية والخمسين من عمره! وبعد ٨ أشهر و١٧ يوما، رُزق السلطان بولى للعهد وكان يتفاءل بحرف «الفاء» فأطلق عليه اسم فاروق. وبدأت علاقة السلطان بزوجته نازلى تحتد، ووصل الخلاف بينهما إلى درجة لا تحتمل، حسب الكاتب حنفى المحلاوى، فى كتابه «الملكة نازلى بين سجن الحريم وكرسى العرش»، وقال إن السلطان أحمد فؤاد نفذ حكم اعتقال لنازلى فى سجن الحريم بقصر القبة بعد ولادة ولى العهد وكانت النتيجة النهائية للعلاقة قرار الملكة بإقامة علاقات غير مشروعة مع بعض ضباط حرس القصر، وكذلك إقامة علاقات غرامية مع بعض رجال الحاشية، وكانت هذه طريقة نازلى فى الانتقام، وكان الملك يعاقبها دائما بحرمانها من رؤية أطفالها «فاروق، والأربع بنات وهن: فوزية وفايزة وفايقة وفتحية». وقال «المحلاوى»: إن السمة الأساسية فى حياة الملك وزوجته هى غيرته الشديدة عليها وسجنها الدائم، ويذكر أن أحمد فؤاد بسبب غيرته الشديدة كان يفرض عليها عدم كشف وجهها لأى شخص، وحدث أنها خرجت فى أحد الأيام، وكان وجهها مكشوفا وفى اليوم التالى نشرت مجلة «روزاليوسف» صورة لنازلى ووجهها مكشوف وغضب فؤاد وطلب من «توفيق نسيم» باشا رئيس الديوان الملكى أن يطلب من عبدالخالق ثروت باشا، رئيس الوزراء، إغلاق مجلة «روزاليوسف» وانتهى الأمر بالتنبيه على المجلة أنها ستغلق إذا نشرت صوراً ملكية مرة أخرى من هذا النوع. إلا أن أسوأ ما فى الأمر علاقتها بفاروق، فطوال ١٣ عاما لم تمارس الملكة نازلى دورها كأم مع ابنها، فلم تلاعبه بل إنها لم ترضعه أيضا، وقد جلب له الملك فؤاد مرضعات أخريات، وكانت الأم الحقيقية لفاروق هى المربية الإنجليزية «إينا نيلور» أو كما كان يناديها باسم «نينزى». وتحكى راوية راشد فى كتابها «نازلى.. ملكة فى المنفى» أن الملكة كانت بصحبته فى زيارة للأميرة شويكار، ليسلم فاروق على شقيقته الكبرى فوقية، التى عادت من أوروبا بعد رحلة علاج، وكان عمر فاروق ١٠ سنوات، وأثناء الزيارة فتح فاروق دون أن يستأذن دولاباً فى حجرة الصالون وأخذ شيئاً ووضعه فى جيبه، وعندما نهرته المربية «نينزى» ابتسمت والدته وسألته بالفرنسية: ما هذا الشىء؟ فقال لها «علبة شيكولاتة»، فضحكت دون أن تؤنبه، هذه الحادثة تدل- كما تقول راوية راشد- على أن الملكة نازلى كانت ترى أن من حق فاروق أن يأخذ أى شىء يعجبه. وهكذا عاشت نازلى ١٧ عاما سجينة فى القصر حتى مات الملك فؤاد فى ٢٩ أبريل عام ١٩٣٦، وهنا فقط شعرت نازلى أن حلمها سيتحقق وأن ابنها الوحيد سيتولى عرش مصر لتبدأ مرحلة جديدة فى حياتها، وبجهودها وافق الجميع على تنفيذ الأمر الملكى الذى يوصى بأن سن الرشد لولى العهد يكتمل بثمانى عشرة سنة هلالية وهو ما يعنى أن فاروق سينتظر خمسة عشر شهرا فقط، بمن فيهم السفير البريطانى نفسه! وتحركت نازلى فى كل الاتجاهات، وبدأت فى إعداد ابنها للعرش من خلال خطة تتضمن الاقتراب من شعبه والتعرف على ثقافة بلده وعلى ثقافات العالم، بل التقرب من الرأى العام العالمى أيضاً بدراسته، ثم تزوج فريدة وغضبت الملكة نازلى واثارت من ابنها فاروق عندما أصدر أمراً ملكياً يفيد بأن مصر أصبح يوجد بها ملكتان (الملكة الأم، والملكة الزوجة)، ورغم ذلك فى اليوم التالى لزفاف فاروق علمت نازلى أن الملك فاروق ضرب زوجته الملكة فريدة وعندما سألته قال لها «لكى أثبت لها أنى حمش وراجل» وعرفت أن مصدر هذه المشورة هو الخدم وطلبت من ابنها أن يعتذر لها علناً، وفوجئ الكل بأغرب مشهد يمكن أن يتصوره أحد، فقد خلعت الملكة نازلى حذاءها وأخذت تضرب هؤلاء الخدم على وجوههم، والأغرب طلبت من هؤلاء الخدم أن يحضروا فى حديقة القصر، وبجوار كل زوجة يقف زوجها الخادم، ووصلت نازلى وفاروق وفريدة، وطلبت نازلى من كل زوجة أن تصفع زوجها وقالت: «هذا أمر ملكى، والزوجة التى سترفض تنفيذه سيفصل زوجها من العمل حالاً» والعجيب أن بعض الزوجات كُنِّ فى غاية السعادة وهن يصفعن أزواجهن، وكان لهذا الدرس تأثير قوى على فاروق وعلاقته بأمه حيث قامت بصفعه أيضاً وطرده من القصر فيما بعد، عندما علمت أنه رفض أن يأتى لاستقبالها فى محطة القطار وهى عائدة من السفر. ومع تولى فاروق الحكم عرفت نازلى حياة اللهو والعبث، وأحبت «أحمد حسنين باشا» وجرت وراءه فى كل مكان وصرحت لكل من تعرفه بأنها غارقة فى حبه، وذهبت الملكة نازلى إلى ابنها الملك فاروق لكى يوافق على زواجهما فقال لها «صاحبيه أحسن، وسأصدر إليه أمراً ملكياً بذلك». وذات يوم تلقى الملك فاروق تقريراً سرياً جاء فيه أن جلالة الملكة «نازلى» تسهر كل ليلة حتى الصباح عند أحمد حسنين! فقرر الملك أن يضبطهما معاً متلبسين، وأخذ معه خادمه «محمد عبدالله» وذهب إلى بيت «حسنين» ودخل البيت من إحدى النوافذ واعتقد أنهما فى حجرة النوم، وصعد الملك السلم على أطراف أصابعه وتسلل إلى غرفة النوم وفتح بابها فوجدها خالية وفتح الغرفة التى بجوارها فرأى منظراً أذهله!، رأى «حسنين» جالساً على الأرض وأمامه الملكة «نازلى» كما تجلس التلميذة أمام أستاذها، وكان حسنين يتلو عليها آى الذكر الحكيم من مصحف بين يديه، وذهل الملك ولم يجد شيئاً يقوله وأغلق عليهما الباب وغادر الدار ولكنه لم يسكت بل راح يروى قصة ما رآه لكل من يقابله. وكان غضب فاروق من أمه يتزايد يوماً بعد يوم بعدما علم أنها تزوجت بعقد عرفى من «أحمد حسنين باشا» الذى مات فى حادثة غامضة سنة ١٩٤٦، وانتشرت الشائعات حول الملكة نازلى وعلاقاتها المتعددة وسوء تصرفاتها، وواجهها فاروق بالشائعات فصار خلاف شديد بينه وبينها ورحلت عن قصر القبة إلى قصر عابدين، ولكن الأمر لم يتغير وظل فاروق يراقبها ويوبخها فقررت الرحيل والإقامة فى قصر والدها عبدالرحيم باشا صبرى فى منطقة الدقى، وهنا انهارت العلاقة بين الملكة نازلى وابنها فاروق الذى كانت تتعمد استفزازه. وتذكر د. لطيفة محمد سالم فى كتابها «فاروق الأول وعرش مصر»، عن علاقة فاروق وأمه فى الآونة الأخيرة قبل وفاتها أنها ساءت، واتسمت تصرفاته معها بالعنف والشدة، بعد فشله فى أن يجعلها تحافظ على سمعة أبيه، لدرجة أنها كانت تراقص الضباط الإنجليز، وتسير وفق أهوائها، فتركها فاروق وانغمس فى حياته حتى تركته فجأة وبدون مقدمات لترحل الملكة عن مصر عام ١٩٤٦. link:http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=272511&IssueID=1917 |
تعليقات
إرسال تعليق