الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع «١٠٠» عام من العطاء
الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع «١٠٠» عام من العطاء
كتب ميلاد حنا زكى ٨/ ٥/ ٢٠١٠
تعد الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع من أعرق وأقدم الجمعيات العلمية غير الحكومية فى مصر، بل والعالم العربى، وهى أحد مكونات المجتمع المدنى، تركز نشاطها واهتمامها فى خدمة المجتمع وتحسين أوضاع الفئات المحتاجة منه.
وتعبر عن آمال وتطلعات المواطن المصرى، بشأن تطور الاقتصاد والإحصاء والتشريع، فقد ساهمت فى إعادة هيكلة الاقتصاد وتطوره على النحو الذى يحقق الغايات والطموحات، كما أثرت الحركة التشريعة بهدف تحقيق التنمية خلال الأعوام الماضية، واجتازت الجمعية اليوم مائة عام من عمرها وسط أحداث دولية ومحلية تفاعلت معها بالبحث العلمى الرصين.
أسس الجمعية الأمير أحمد فؤاد فى ٨ أبريل ١٩٠٩ باسم الجمعية الخديوية، وكان مقرها فى الطابق العلوى من المبنى الحالى للجامعة الأمريكية فى ميدان التحرير، على أن يكون غرضها دراسة مسائل الاقتصاد والتشريع والإحصاء، علماً وعملاً، ونشر تلك الثقافة الخاصة بين أعضائها والجمهور، وتعددت أهداف الجمعية.
ويعتبر أحمد فؤاد الأول هو أول من ترأس الجمعية، لكنه لم يستمر طويلا، لتوليه الحكم سنة ١٩١٧، ثم تولى الجمعية القاضيان «مسيو بيولا كازيللى ومسيو بيتر «حتى ١٩٣٧» ثم الدكتور عبدالحميد بدوى، وتوالى على رئاسة الجمعية العديد من الشخصيات المهمة كان آخرهم الدكتور فتحى سرور، الذى أوضح خلال كلمته فى الاحتفال بالمئوية، أن الجمعية المصرية للتشريع الوحيدة التى يعين رئيسها بقرار جمهورى مدى الحياة، وتميزت فترة إنشاء الجمعية فى تاريخ مصر بشعور جارف، انبعث من صميم الأمة للأخذ بأسباب النهضة،
فيما قصرت جهود الحكومة نتيجة للاحتلال وقتئذ، وكان من ثمار هذا الشعور الدعوة إلى إنشاء جامعة مصرية، مما دفع الحكومة إلى إرسال بعثات إلى الخارج، وبعد انتهاء الاحتلال واندحار النفوذ الأجنبى، تفاعلت الجمعية مع جميع التحولات الاقتصادية ومن أهمها تمصير الاقتصاد الأجنبى، ثم جاء التدخل المباشر للدولة فى النظام الاقتصادى، وما استتبعه من قيام قطاع عام مسيطر يقود التنمية، وأعقب ذلك انفتاح الاقتصاد المصرى على القطاع الخاص، وجاء بعد ذلك تحرير الاقتصاد والأخذ بنظام اقتصاديات السوق.
وتلا إنشاء الجمعية إصدار مجلة خاصة بها وبعد سنوات قليلة احتلت الجمعية ومجلتها مركزاً ومكانة علمية مرموقة وامتلكت جهازاً للأبحاث العلمية لا غنى عنه، فهى لا تترك مشكلة تتعلق بتطور البلاد وتقدمها إلا وتعرضها، فقبل الحرب العالمية الأولى عنيت الجمعية بمسائل القطن واستخداماته الصناعية وتصريف محصوله فى الأسواق الخارجية،
كما اهتمت بالبحث فى شؤون الملكية العقارية والديون الزراعية، ونقل مقر الجمعية ١٩١٦ إلى مبنى قديم برقم ٢١ شارع جامع شركيس (شارع صبرى أبوعلم بميدان سليمان باشا حاليا).وفى ١٩١٨ رأت الحكومة أن تشجع الجمعية عن طريق إصدار مرسوم يقضى بمراعاة الحكومة الجمعية واعتماد قانونها النظامى وعرفت وقتها باسم الجمعية السلطانية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع، ونهض بالجمعية فى ذلك الوقت القاضيان «مسيو بيولا كازيللى ومسيو بيتر»،
فبعد الحرب العالمية الأولى اهتمت الجمعية بتعديل القانون الجنائى ونظام المحاكم المختلطة كما اهتمت بشؤون النظام الجمركى وعملت على رفع مستويات المعيشة والإنتاج، كما اهتمت بعد الحرب العالمية الثانية بمشكلة التنمية الاقتصادية والنهوض بالصناعة لكى تتلاءم مع حاجات البلاد ومواردها، ثم بدأ الاهتمام بأن تكون للجمعية مكتبة حافلة بالمراجع وبلغ عدد الكتب التى تحتويها عام ١٩٢٥ حوالى ١٥٠٠ كتاب، وارتفع رصيدها إلى ٤٠٠٠ كتاب عام ١٩٣٥ وتضم الآن حوالى ٧٥٠٠ كتاب من المراجع الثمينة للباحثين، وأهم ما تحتوية المكتبة فهرس «bibliographie» الجامع لما كتب عن مصر الحديثة من ١٧٩٨ إلى ١٩١٦، فى الشؤون الاقتصادية والقانونية والاجتماعية ونشره «رينيه مونيه» ١٩١٨،
وحرصت الجمعية على توثيق الصلات بينها والفكر العالمى فى العلوم القانونية والاقتصادية، ويظهر ذلك من خلال نشاط الجمعية والمجلة التى تصدرها باسم «مصر المعاصرة» التى تعد المجلة العلمية الأولى فى العالم العربى وبلغ عمرها ٩٩ عاماً، فكانت ولاتزال مرآة صادقة لحياة الجمعية والمجتمع طوال السنوات الماضية، وحرصت الجمعية على أن تكون المجلة مجالاً لمختلف الآراء وشعارها هو حرية الرأى وجدية البحث وصدق المنهج، وهى معروفة فى البلاد الأجنبية منها جامعات أمريكية وفرنسية وألمانية وإيطالية وغيرها من الجامعات، وساعد على انتشارها إصدارها بـ٣ لغات (العربية والإنجليزية والفرنسية).
واستقرت الجمعية «١٩٢٨»، فى المبنى الحالى بشارع الملكة نازلى (رمسيس حاليا).
وفى عهد الملك فاروق أطلق عليها الجمعية الملكية للاقتصاد السياسى والتشريع، ومع قيام ثورة يوليو ١٩٥٢ وبناء على تعليمات جمال عبدالناصر تغير اسم الجمعية عام ١٩٥٤ إلى جمعية الاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع، واستمرت إنجازاتها واهتمت بإعلاء حقوق الإنسان وحكم القانون بالتفاعل بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
تعليقات
إرسال تعليق