نساء حطمن أسوار الحرملك
نساء حطمن أسوار الحرملك
كتب : ميلاد حنا زكي
المرأة في مصر سطرت أعظم الأمثال في الكفاح والجهاد لتحقيق العدالة المتمثلة في المساواة وحصول المرأة علي حقوقها كاملة دون انتقاص...تعالوا نتعرف معا علي نساء مصر الرائدات اللواتي حطمن قيودهن وتقدمن الصفوف وتزعمن كل جهد لإثبات ذواتهن ونيل حقوقهن.
مازال نداؤها يتردد:
يا نساء مصر اتحدن
مع اشتعال ثورة 1919 ونفي سعد زغلول ورفاقه مباشرة عمت الاضطرابات وخرجت المظاهرات العاصفة وبدأت حركة النساء وانضمت المدارس الثانوية إلي نساء الصفوة, وتكونت لجنة الوفد للسيدات اللاتي شاركن في الإضراب العام والمظاهرة الكبري في 20 مارس.. هكذا دخلت المرأة المصرية عهدا جديدا أتاحت لها اندلاع ثورة كبري حظيت بمشاركة واسعة من كل فئات المجتمع, وظلت لجنة نساء الوفد تشارك بفاعلية في جميع أحداث الثورة بل والاختلاف مع زعيم الثورة سعد زغلول في بعض المواقف السياسية.. وخلعت هدي شعراوي حجابها إبان الثورة وذلك رمز لفترة انقضت وهي احتجاب المرأة عن العمل العام وقلدتها في هذا كثيرات من السيدات.
قبل أن نخوض في غمار الاتحاد النسائي المصري علينا أن نفرق أنه قبل نشأة هذا الاتحاد كانت هناك إرهاصات لحركات وتجمعات نسائية لمناقشة قضاياهن وطرح برامج خاصة بالمرأة.
أول تجمع نسائي هو اللجنة التي شكلت لمساعدة الأتراك أثناء حرب 1895 بين اليونان وكانت لجنة صورية من زوجات رجال السلطة الذين شكلوا لجنة للرجال بنفس الهدف ولكنها كانت أول فرصة للنساء لعمل جماعي ما, وتميزت تلك الفترة بنشاط نسائي علي شكل يوم الاستقبال الذي كانت تقوم به كل سيدة فتدعو صديقاتها لشرب الشاي والثرثرة معها في يوم محدد, وحاولت بعض السيدات أن يطورن شكل الاستقبال إلي رابطة أدبية للنساء وفشلت المحاولة لأسباب إدارية.
كما كونت باحثة البادية الاتحاد النسائي التهذيبي عام 1910 وكان هدفه توعية النساء والمطالبة بتعليمهن.
بدأ نشاط هدي شعراوي في المجال الاجتماعي مع مطلع سنة 1907 بأن دعت نساء مصر لجمع تبرعات إنشاء جمعية لرعاية الطفل واقتنع الناس بالفكرة وتم جمع التبرعات لكن الحكومة تدخلت فتوقف المشروع في مهده, ولكن في 1908 دعت هدي شعراوي الكاتبة الفرنسية مارجريت كليمان لإلقاء محاضرات ثقافية علي السيدات في قاعة الجامعة ونجحت المحاضرة مما شجع الملك فؤاد الذي كان آنذاك أميرا علي تخصيص قاعة للسيدات في يوم الجمعة من كل أسبوع, وبعد عامين فكرت الأميرة عين الحياة في إنشاء مبرة محمد علي بقصد تكاتف أميرات البيت المالك مع سيدات الطبقة الراقية علي معالجة الأطفال من مرض الكوليرا الذي انتشر آنذاك.
وفي مايو عام 1914 أسست هدي شعراوي بمعاونة الأميرتين عين الحياة وأمينة حليم جمعية الرقي الأدبي للسيدات المصريات وجمعية المرأة الجديدة للمساعدة في أعمال البر والإحسان وكان الغرض الأساسي من إنشائهما توفير فرصة لإبراز المواهب العقلية والفنية والرياضية للفتيات والسيدات لتقدم المرأة المصرية.
تأثرت هدي شعراوي كثيرا بالأفكار التقدمية التي اكتسبتها من ثقافتها الفرنسية من جهة, ومن المؤتمرات النسائية الدولية العديدة التي حضرتها كممثلة للمرأة المصرية والعربية, مما ساعد هدي علي النشاط الدؤوب الذي اشتهرت به توفر العامل المادي لديها, إذ كانت من ثريات مصر لذلك لم تنتظر مساعدة من حكومة أو شخصية سياسية لتدعيم عملها, فجاءت مواقفها منبثقة من فكرها وتم تنفيذها علي نفقتها الخاصة, حتي انضم لجمعيتيها السابقتين أعداد كبيرة من النساء المصريات إلي أن جاءت الحرب العالمية الأولي وتوقف النشاط السياسي والاجتماعي وبالتالي توقفت الجمعيات النسائية الوليدة.
بعد أن وضعت الحرب أوزارها وتطورت الأحداث السياسية بالطريقة المعروفة قامت ثورة 1919 واشتركت المرأة بدورها في النضال بمظاهراتها وباحتجاجاتها في جميع المواقف التي استدعت تدخلها وكان ذلك دورا طليعيا لها وجديدا عليها أيضا.
أثناء اندلاع الثورة كونت هدي شعراوي بمساعدة زوجات الوفديين لجنة الوفد المركزية للسيدات كانت تلك اللجنة تتميز عن جمعيتي الرقي الأدبي للسيدات المصرية والمرأة الجديدة في الهدف, فالأخيرتان جمعيتان ذات طابع اجتماعي فقط, أما الأولي فكانت سياسية بحتة, وفكرت هدي شعراوي في دمج الجمعيتين في جمعية واحدة تحت رعاية شرفية للأميرة أمينة حليم علي أن توكل مهمة الإشراف علي كافة الأنشطة لهدي شعراوي, وتسمت الجمعية الجديدة باسم المرأة الجديدة برئاسة حرم محمود صدقي بك.
في شهر مايو 1923 وجه الاتحاد النسائي الدولي دعوة موجهة إلي نساء مصر لحضور المؤتمر الدولي الذي يعقد في روما, وكانت لجنة الوفد المركزية للسيدات المصريات وقتئذ اللجنة النسائية البارزة, ومن هنا جاء التفكير في تشكيل جمعية الاتحاد النسائي المصري بهدف المشاركة في هذا المؤتمر وكانت هذه أول مرة يرتفع فيها صوت المرأة المصرية في الخارج باشتراكها في هذا المؤتمر.
تأسس الاتحاد النسائي في 16 مارس سنة 1923 وكان مقره في شارع محمد علي بالقاهرة وقالت عنه هدي شعراوي الاتحاد النسائي ليس جمعية إنما هو فكرة قومية لتحقيق أهداف الوطن في كل مجال.
فكانت النواة الأولي للاتحاد بإنشاء مشغل للفتيات الفقيرات اللاتي لا يستطيع أهاليهن الإنفاق علي تربيتهن وتهذيبهن, ويتألف الاتحاد النسائي من 13 سيدة فقط في مقدمتهن هدي شعراوي الرئيسية وشريفة رياض نائبة وسكرتيرتان هما إحسان القوسي وسيزا نبراوي, ويجتمع الاتحاد أربع مرات في الشهر, وزاد الإقبال علي الاتحاد, ورأت هدي شعراوي احتياجهم إلي مكان آخر وأخذت تسعي هدي شعراوي حتي وجدت قطعة أرض تبلغ مساحتها 3600 متر بجوار مستشفي الأنكلستوما بشارع قصي العيني.
خصصت منها نحو 1100 متر للمباني اللازمة للدار وتبرع المهندس مصطفي بك فهمي بوضع تصميمها ورسومها علي الطراز العربي وأصبحت بناء فخما يليق بنهضة مصر, ووضع حجر الأساس في أول أبريل سنة 1931 وافتتح رسميا في أول أبريل عام 1932, وقالت هدي شعراوي في خطبة بهذه المناسبة ليس لدي ثوب أقدمه لحضراتكم سوي هذا العلم الذي يمثل وحدتنا القومية وهو الذي اتخذناه رمزا لنهضتنا.
ونجحت هدي شعراوي في ربط الحركة النسائية المصرية بالحركة النسائية العالمية, وأصبح الاتحاد النسائي المصري فرعا للاتحاد النسائي الدولي في مصر, أي أنه أصبح اتحادا ذا صفة دولية وصفة قومية معترفا به في مصر والخارج, وفي عام 1966 تغير اسم الاتحاد النسائي إلي اسم جمعية هدي شعراوي بأمر من جمال عبدالناصر والذي فسره البعض تكريما لما فعلته هدي طوال مسيرة حياتها.
مازال عطاء جمعية هدي شعراوي في النهضة كأول جمعية مصرية تمثل مصر في الاتحاد النسائي الدولي وكأول من اهتمت بالفتاة المصرية لكي تعلو مكانتها ولكي تحقق أغراضها من نشر الثقافة النسائية وإزاحة كابوس الجهل والتأخر عن أكبر عدد ممكن من الفتيات الفقيرات.
كتب : ميلاد حنا زكي
المرأة في مصر سطرت أعظم الأمثال في الكفاح والجهاد لتحقيق العدالة المتمثلة في المساواة وحصول المرأة علي حقوقها كاملة دون انتقاص...تعالوا نتعرف معا علي نساء مصر الرائدات اللواتي حطمن قيودهن وتقدمن الصفوف وتزعمن كل جهد لإثبات ذواتهن ونيل حقوقهن.
مازال نداؤها يتردد:
يا نساء مصر اتحدن
مع اشتعال ثورة 1919 ونفي سعد زغلول ورفاقه مباشرة عمت الاضطرابات وخرجت المظاهرات العاصفة وبدأت حركة النساء وانضمت المدارس الثانوية إلي نساء الصفوة, وتكونت لجنة الوفد للسيدات اللاتي شاركن في الإضراب العام والمظاهرة الكبري في 20 مارس.. هكذا دخلت المرأة المصرية عهدا جديدا أتاحت لها اندلاع ثورة كبري حظيت بمشاركة واسعة من كل فئات المجتمع, وظلت لجنة نساء الوفد تشارك بفاعلية في جميع أحداث الثورة بل والاختلاف مع زعيم الثورة سعد زغلول في بعض المواقف السياسية.. وخلعت هدي شعراوي حجابها إبان الثورة وذلك رمز لفترة انقضت وهي احتجاب المرأة عن العمل العام وقلدتها في هذا كثيرات من السيدات.
قبل أن نخوض في غمار الاتحاد النسائي المصري علينا أن نفرق أنه قبل نشأة هذا الاتحاد كانت هناك إرهاصات لحركات وتجمعات نسائية لمناقشة قضاياهن وطرح برامج خاصة بالمرأة.
أول تجمع نسائي هو اللجنة التي شكلت لمساعدة الأتراك أثناء حرب 1895 بين اليونان وكانت لجنة صورية من زوجات رجال السلطة الذين شكلوا لجنة للرجال بنفس الهدف ولكنها كانت أول فرصة للنساء لعمل جماعي ما, وتميزت تلك الفترة بنشاط نسائي علي شكل يوم الاستقبال الذي كانت تقوم به كل سيدة فتدعو صديقاتها لشرب الشاي والثرثرة معها في يوم محدد, وحاولت بعض السيدات أن يطورن شكل الاستقبال إلي رابطة أدبية للنساء وفشلت المحاولة لأسباب إدارية.
كما كونت باحثة البادية الاتحاد النسائي التهذيبي عام 1910 وكان هدفه توعية النساء والمطالبة بتعليمهن.
بدأ نشاط هدي شعراوي في المجال الاجتماعي مع مطلع سنة 1907 بأن دعت نساء مصر لجمع تبرعات إنشاء جمعية لرعاية الطفل واقتنع الناس بالفكرة وتم جمع التبرعات لكن الحكومة تدخلت فتوقف المشروع في مهده, ولكن في 1908 دعت هدي شعراوي الكاتبة الفرنسية مارجريت كليمان لإلقاء محاضرات ثقافية علي السيدات في قاعة الجامعة ونجحت المحاضرة مما شجع الملك فؤاد الذي كان آنذاك أميرا علي تخصيص قاعة للسيدات في يوم الجمعة من كل أسبوع, وبعد عامين فكرت الأميرة عين الحياة في إنشاء مبرة محمد علي بقصد تكاتف أميرات البيت المالك مع سيدات الطبقة الراقية علي معالجة الأطفال من مرض الكوليرا الذي انتشر آنذاك.
وفي مايو عام 1914 أسست هدي شعراوي بمعاونة الأميرتين عين الحياة وأمينة حليم جمعية الرقي الأدبي للسيدات المصريات وجمعية المرأة الجديدة للمساعدة في أعمال البر والإحسان وكان الغرض الأساسي من إنشائهما توفير فرصة لإبراز المواهب العقلية والفنية والرياضية للفتيات والسيدات لتقدم المرأة المصرية.
تأثرت هدي شعراوي كثيرا بالأفكار التقدمية التي اكتسبتها من ثقافتها الفرنسية من جهة, ومن المؤتمرات النسائية الدولية العديدة التي حضرتها كممثلة للمرأة المصرية والعربية, مما ساعد هدي علي النشاط الدؤوب الذي اشتهرت به توفر العامل المادي لديها, إذ كانت من ثريات مصر لذلك لم تنتظر مساعدة من حكومة أو شخصية سياسية لتدعيم عملها, فجاءت مواقفها منبثقة من فكرها وتم تنفيذها علي نفقتها الخاصة, حتي انضم لجمعيتيها السابقتين أعداد كبيرة من النساء المصريات إلي أن جاءت الحرب العالمية الأولي وتوقف النشاط السياسي والاجتماعي وبالتالي توقفت الجمعيات النسائية الوليدة.
بعد أن وضعت الحرب أوزارها وتطورت الأحداث السياسية بالطريقة المعروفة قامت ثورة 1919 واشتركت المرأة بدورها في النضال بمظاهراتها وباحتجاجاتها في جميع المواقف التي استدعت تدخلها وكان ذلك دورا طليعيا لها وجديدا عليها أيضا.
أثناء اندلاع الثورة كونت هدي شعراوي بمساعدة زوجات الوفديين لجنة الوفد المركزية للسيدات كانت تلك اللجنة تتميز عن جمعيتي الرقي الأدبي للسيدات المصرية والمرأة الجديدة في الهدف, فالأخيرتان جمعيتان ذات طابع اجتماعي فقط, أما الأولي فكانت سياسية بحتة, وفكرت هدي شعراوي في دمج الجمعيتين في جمعية واحدة تحت رعاية شرفية للأميرة أمينة حليم علي أن توكل مهمة الإشراف علي كافة الأنشطة لهدي شعراوي, وتسمت الجمعية الجديدة باسم المرأة الجديدة برئاسة حرم محمود صدقي بك.
في شهر مايو 1923 وجه الاتحاد النسائي الدولي دعوة موجهة إلي نساء مصر لحضور المؤتمر الدولي الذي يعقد في روما, وكانت لجنة الوفد المركزية للسيدات المصريات وقتئذ اللجنة النسائية البارزة, ومن هنا جاء التفكير في تشكيل جمعية الاتحاد النسائي المصري بهدف المشاركة في هذا المؤتمر وكانت هذه أول مرة يرتفع فيها صوت المرأة المصرية في الخارج باشتراكها في هذا المؤتمر.
تأسس الاتحاد النسائي في 16 مارس سنة 1923 وكان مقره في شارع محمد علي بالقاهرة وقالت عنه هدي شعراوي الاتحاد النسائي ليس جمعية إنما هو فكرة قومية لتحقيق أهداف الوطن في كل مجال.
فكانت النواة الأولي للاتحاد بإنشاء مشغل للفتيات الفقيرات اللاتي لا يستطيع أهاليهن الإنفاق علي تربيتهن وتهذيبهن, ويتألف الاتحاد النسائي من 13 سيدة فقط في مقدمتهن هدي شعراوي الرئيسية وشريفة رياض نائبة وسكرتيرتان هما إحسان القوسي وسيزا نبراوي, ويجتمع الاتحاد أربع مرات في الشهر, وزاد الإقبال علي الاتحاد, ورأت هدي شعراوي احتياجهم إلي مكان آخر وأخذت تسعي هدي شعراوي حتي وجدت قطعة أرض تبلغ مساحتها 3600 متر بجوار مستشفي الأنكلستوما بشارع قصي العيني.
خصصت منها نحو 1100 متر للمباني اللازمة للدار وتبرع المهندس مصطفي بك فهمي بوضع تصميمها ورسومها علي الطراز العربي وأصبحت بناء فخما يليق بنهضة مصر, ووضع حجر الأساس في أول أبريل سنة 1931 وافتتح رسميا في أول أبريل عام 1932, وقالت هدي شعراوي في خطبة بهذه المناسبة ليس لدي ثوب أقدمه لحضراتكم سوي هذا العلم الذي يمثل وحدتنا القومية وهو الذي اتخذناه رمزا لنهضتنا.
ونجحت هدي شعراوي في ربط الحركة النسائية المصرية بالحركة النسائية العالمية, وأصبح الاتحاد النسائي المصري فرعا للاتحاد النسائي الدولي في مصر, أي أنه أصبح اتحادا ذا صفة دولية وصفة قومية معترفا به في مصر والخارج, وفي عام 1966 تغير اسم الاتحاد النسائي إلي اسم جمعية هدي شعراوي بأمر من جمال عبدالناصر والذي فسره البعض تكريما لما فعلته هدي طوال مسيرة حياتها.
مازال عطاء جمعية هدي شعراوي في النهضة كأول جمعية مصرية تمثل مصر في الاتحاد النسائي الدولي وكأول من اهتمت بالفتاة المصرية لكي تعلو مكانتها ولكي تحقق أغراضها من نشر الثقافة النسائية وإزاحة كابوس الجهل والتأخر عن أكبر عدد ممكن من الفتيات الفقيرات.
تعليقات
إرسال تعليق