صفقات السلاح المصرى الحائر بين مطرقة العم سام وسندان الدب الروسى
>> حريق القاهرة في 1952 أفشل أول
صفقة سلاح من السوفييت
>> مصر دفعت عشرة ملايين جنية سنة 1952 لشراء سلاح
من الغرب وبريطانيا أوقفت الصفقة
>> أول صفقة سلاح
أبرمت مع السوفييت كانت سنة 1956 وكان الثمن (قطنا مصريا)
>> المشير عبد الحكيم عامر سافر سنة 1964 إلى السوفيت وقدم قائمة أسلحة تريدها
مصر مكونة من سبع صفحات
>> السوفييت يعوضون مصر بأكبر صفقة سلاح متطورة فى الشرق الأوسط بلغت 3.5
مليار دولار بعد نكسة1967
>> السادات ألغى جميع العقود العسكرية مع الاتحاد السوفيتي لصالح الشراكة مع واشنطن
سنة 1977
ميلاد حنا ١٤/ ٣/ ٢٠١٤ |
«حمل السلاح ليس دليلاً على القوة»، هكذا قال المهاتما غاندى عندما قال له أحد الأشخاص إن السلاح هو القوة، غير أن العالم لا يعرف إلى الآن إلا لغة السلاح، فهى اللغة التى تسيطر على العلاقات المتبادلة ومن يملك السلاح يتحكم فى العالم والدول النامية والفقيرة على وجه الخصوص، خاصة أن هذه الدول هى المستورد الأكبر للسلاح فى العالم.
وكان احتياج مصر للسلاح قد مر بمحطات تاريخية مهمة بدأت بخضوع سياسات التسليح فى مصر للاحتلال البريطانى لمصر ثم لمقتضيات الصراع العربى الإسرائيلى وأخيرا لقضية الإخوان، وحسبما انفردت «المصرى اليوم» فى فبراير ٢٠١٤ أن مصر تجاوزت هذا وتمكنت من كسر احتكار السلاح الذى كان وسيلة تحكم للغرب فى المنطقة طويلاً وقد أكد تجاوز مصر لسياسة الاحتكار والتحكم على استقلاليتها واستقلالية قراراتها كما مثل هذا للدول أخرى فى المنطقة أسلوبا مغايرا للحصول على السلاح من مصادر بديلة، مما يكسر احتكار وتحكم الغرب
أما عن الفصول المبكرة لحصول مصر على السلاح بشروط وأساليب مهينة فقد كان أثناء الاحتلال البريطانى لمصر، حيث كان الجيش المصرى طيلة الاحتلال يحصل على السلاح من بريطانيا وكانت الحكومة البريطانية هى التى تحدد الكمية والنوع اللذين تراهما كافيين فى نظرها لتسليحه، وكانت الكمية ضئيلة والنوع تقليديا قديما ولذلك ظل الجيش ضعيفاً طوال مدة الاحتلال والحماية ولما عقدت معاهدة ١٩٣٦ حرصت الحكومة البريطانية على أن تتضمن المعاهدة فى ملحقاتها أن تكون أسلحة الجيش المصرى ومعداته من طراز أسلحة القوات البريطانية وأن تستورد مصر الأسلحة والمعدات من بريطانيا واستطاع الإنجليز أن يسيطروا على الجيش المصرى، خاصة فى إدارته وتسليحه.
ولما دخل الجيش حرب فلسطين سنة ١٩٤٨ امتنعت بريطانيا عن تزويده بالسلاح والذخيرة مما شكل سببا من الأسباب الرئيسية لهزيمة الجيش فى فلسطين، فضلا عما أشيع عن وجود أسلحة فاسدة.
وقد مرت مطالبة مصر للغرب لبيعها السلاح بمراحل متعددة فبعد أن رفع مجلس الأمن الحظر على تصدير الأسلحة للمنطقة والذى كان قد فرضه عقب حرب فلسطين.
ووضح هذا الاتجاه منذ أن تولت حكومة الوفد فى ١٩٥٠ الحكم غير أن الغرب رفض كل ما تقدمت به مصر من طلبات للحصول على السلاح، وقادت الولايات المتحدة الأمريكية عملية الرفض، وأعلنت الحكومة المصرية وقتها أنها لا ترى غضاضة فى شراء الأسلحة من الاتحاد السوفيتى أو من المصانع العالمية الأخرى كمصانع سكودا فى تشيكوسلوفاكيا، وكان الرأى السائد لدى المسؤولين فى الخارجية المصرية، حسبما ذكر الدكتور فؤاد المرسى، فى كتابه «العلاقات المصرية السوفيتية»، أن أمريكا وبريطانيا تخوفتا من تسليح مصر حتى لا يدفعها هذا إلى الاعتداء على إسرائيل، حتى إن بريطانيا ساومت مصر وأرسلت لها خطابا يفيد بأن تعطيها السلاح مقابل الاعتراف بدولة إسرائيل، إلا أن مصر رفضت العرض.
وفى ٢٣ يناير ١٩٥٢ التقى وزير الخارجية المصرى الدكتور محمد صلاح الدين مع نظيره السوفيتى «فيشنسكس» وسلمه طلبا من مصر برغبتها فى شراء كميات كبيرة من الأسلحة المتقدمة والدبابات من الاتحاد السوفيتى مقابل قطن مصرى، إلا أن حريق القاهرة فى ٢٥ يناير من نفس العام أطاح بحكومة الوفد وتعطلت صفقة الأسلحة.
وبعد قيام ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، عاودت حكومة الثورة طلب شراء السلاح من الدول الغربية (بريطانيا وفرنسا وأمريكا ) وقوبل الطلب بالمراوغة حينا وبفرض شروط مجحفة حينا آخر ولم تستجب مصر.
وفى خطاب لجمال عبدالناصر فى ديسمبر ١٩٥٣ أكد فيه أن بريطانيا وقفت أمام صفقة سلاح دفعت مصر ثمنها عشرة ملايين جنيه.
واستمرت عملية المراوغة من دول الغرب لمصر فى صفقات السلاح واشتدت الضغوط الغربية، خاصة الأمريكية على مصر، حتى بدأ توطيد العلاقات مع السوفييت.
وفى مؤتمر «باندونج» فى إبريل ١٩٥٥، كان أول لقاء دولى بين عبدالناصر وقيادات ٢٩ دولة، طلب عبدالناصر أن يتحقق السلام العالمى وتنظيم التسليح وتحديد القوات المسلحة وتحويل فائض نفقاتها إلى رفع مستوى المعيشة وبعد هذا المؤتمر بشهور اتجهت مصر لشراء السلاح من الكتلة الشرقية، فكان حدثا مهماً من أحداث التاريخ وجاءت صفقة الأسلحة عام ١٩٥٥ لتشكل بداية ذلك الاهتمام، ومنذ ذلك التاريخ والعلاقات المصرية السوفيتية لا تغيب عن بؤرة اهتمام العالم.
وقال السير «همفرى تريفيليان»، المندوب السامى البريطانى فى كتابه «The Middle east in revolution»، إنه مع منتصف ١٩٥٦ تلقت مصر صفقة أسلحة تشيكية مكونة من معدات حربية هى ١٥٠ طائرة و٣٠٠ دبابة متوسطة وثقيلة وأكثر من ١٠٠ مدفع ذاتى الحركة و٢٠٠ عربة مصفحة حاملة جنود ومدرعتين و٤ كاسحات ألغام و٢٠ زورق طوربيد و٥٠٠ قطعة مدفعية ومدافع بازوكا وألغام وأسلحة صغيرة ورادار ومعدات لاسلكية، وبلغت قيمة هذه الصفقة ٨٠ مليون جنية إسترلينى ويكون الدفع بالقطن المصرى ورغم أن الأسلحة سلمت عن طريق تشيكوسلوفاكيا إلا أنها كانت روسية الصنع، وجاءت هذه الصفقة لتشكل نصرا للسياسة المصرية على طريق حرية الإرادة المصرية وقوبلت الصفقة بانزعاج شديد من الغرب وخاصة الولايات المتحدة، وشنت الصحف الأمريكية حملة عنيفة ضد مصر، وبدأت حركة نشطة فى العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتى فى مختلف المجالات، منها تمويل مشروع السد العالى.
وفى نوفمبر ١٩٦٤ سافر المشير عبدالحكيم عامر لحضور احتفالات العيد السابع والأربعين للثورة السوفيتية، وهناك قدم قائمة أسلحة تريدها مصر وكانت من ستة صفحات، ووافق الاتحاد السوفيتى على إبرام هذه الصفقة وقرر أيضا التنازل عن خمسمائة مليون روبل من الديون على مصر وقال «أليكسى كوسيجين» رئيس وزراء الاتحاد السوفيتى آنذاك «أن الاتحاد السوفيتى يتنازل عن الديون تقديرا للأعباء التى تتحملها مصر فى دعم حركة التحرر الوطنى».
ومع استمرار العلاقات السوفيتية المصرية كان الغرب يخطط لتدمير هذه العلاقات وضرب الدولة العربية المتمثلة فى مصر وسوريا والعراق، حتى قامت القوات الإسرائيلية بتوجيه ضربة جوية لمصر صباح ٥ يونيو ١٩٦٧، أدت إلى تردى الأوضاع العسكرية المصرية والسورية والأردنية وانتهى الأمر بهزيمة عسكرية فادحة تركت أراضى شاسعة تحت الاحتلال الإسرائيلى من الدول الثلاث.
ولم يستطع الاتحاد السوفيتى خلال حرب النكسة إمداد العرب بأى أسلحة إلا أنه أهتم بالضغط لوقف أطلاق النار حيث قال فى بيان له يوم ١٠ يونيو ١٩٦٧ «إذا لم ترضخ إسرائيل لوقف إطلاق النار فإن الاتحاد السوفيتى مضطر للقيام بكل إجراء ضرورى شاملا العمل العسكرى».
وبدأت القوات المسلحة المصرية بناء وتنظيم الصفوف من جديد ونجحت فى زيادة تدفق الأسلحة السوفيتية الجديدة حتى بلغ ذروته فى ١٩٦٩ حيث وصل فى هذا العام وحده معدات تعادل مجموع ما تسلمته مصر من السوفييت من أسلحة خلال أثنى عشر عاما (من ١٩٥٥ إلى ١٩٦٧)، ومدت مصر بـ ٣٠٠ طائرة نفاثة مقاتلة حلت محل ٣٦٥ فقدت فى الحرب، و٥٠ طائرة قاذفة بدلا من ٦٩ فقدت، و٤٢٠ دبابة بدلا من ٥٥٠ فقدت فى الحرب كما مد مصر بأسلحة جديدة تجعلها أقوى تسليحا من إسرائيل هى صواريخ مضادة للسفن وصواريخ أرض أرض، مداها ٥٠ ميلا ووصل قيمة ما تسلمته مصر من الأسلحة من الاتحاد السوفيتى منذ الحرب إلى ٣.٥ مليار دولار.
وبحلول إبريل ١٩٧٠ كانت الوحدات السوفيتية تشارك الوحدات المصرية فى مهامها القتالية فى الدفاع الجوى مستخدمة معدات حديثة لم يسبق لمصر الحصول عليها من قبل، منها طائرات «ميج ٢٥» وصواريخ «سام ٦» وبلغ عدد الأفراد السوفييت المشتركين فى هذه العمليات نحو ستة آلاف شخص.
واستمرت العلاقات بين مصر والسوفييت فى التنامى حتى وفاة الرئيس عبدالناصر وواصل السادات العلاقات الطيبة بين البلدين واعتمدت مصر على المعدات الروسية من الصواريخ والدبابات فى حرب ١٩٧٣ وبعد الحرب بدأ السادات فى جذب دول الغرب وطلب منهم السلاح.
وفى عام ١٩٧٧ ألغى الرئيس السادات جميع العقود العسكرية مع الاتحاد السوفيتى لصالح الشراكة مع واشنطن، ومنذ ذلك الحين ومصر تتلقى مساعدات من أمريكا تصل لأكثر من ٤٩ مليار دولار وسعت أمريكا لإبعاد الاتحاد السوفيتى عن الشؤون الإقليمية فى الشرق الأوسط، وفى مارس ١٩٧٩ أعلن السادات أن مصر وقعت مع أمريكا صفقة أسلحة جديدة سوف تدعم القوات المسلحة.
إلى أن بدأت العلاقات المصرية الروسية فى التحسن التدريجى مجددا بدءا من نوفمبر ١٩٨٢ عندما أرسل الرئيس الأسبق مبارك وفداً رفيع المستوى لتشييع جنازة الرئيس السوفيتى «بريجينيف».
وبعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ بدأت أمريكا تستخدم نفس سياستها مع مصر وتلوح بإعادة النظر فى المساعدات والتى يشكل السلاح جزءا منها فاتجهت الأنظار مجددا للمعسكر الشرقى بخطى فعلية تكسر الاحتكار الأمريكى الجديد.
|
تعليقات
إرسال تعليق