أبو العلا.. الشيخ الذى أفتى بخلع الخديو فحكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص ميلاد حنا ٢٥/ ٤/ ٢٠١٤ |
«الخديو توفيق قد مالأ الأجانب، فإنه لا يصلح للجلوس على العرش ويتحتم خلعه، لأنه مارق على الوطن»..هكذا أفتى الشيخ محمد أبوالعلا الخلفاوى سنة ١٨٨١، فتوى هزت أرجاء الوطن فى وقت كان يحتاج فيه الوطن إلى إرادة قوية للتغيير، ضد حكم الخديو توفيق، مما زاد غضبه فأمر بإعدامه. وترجع تفاصيل القصة إلى الثورة العرابية ونضال رفاق أحمد عرابى، والذى كان الشيخ «أبو العلا» واحداً منهم، حيث كان فى ساحة عابدين يشرح لزملائه علماء الأزهر ضرورة الانضمام إلى الحركة العرابية التى تستهدف تحقيق إرادة المصريين ورغباتهم فى حكم بلادهم. وبلغ حماسة هذا الشيخ حتى دعا زملاءه العلماء إلى مؤتمر كبير عقده فى الأزهر، وقال فيه إن الخديو توفيق قد مالأ أعداء البلاد، وأصبح غير صالح لحكمها وتبوأ عرشها، ثم اقترح على المؤتمرين أن يصدروا فتوى بخلعه من عرشه، وقبل أن يوافق العلماء، تسلل شيخ من الجامع إلى قصر عابدين أبلغ الخديو نبأ هذه الفتوى، فزاد غضبه وطلب من رجال حاشيته أن يضموا اسم المفتى الشيخ أبو العلا إلى قائمة الذين سينزل لهم أشد العقوبات عندما تستقر الأمور ويعود للخديو ما كان له من نفوذ وجبروت. واتصل الخديو بمفتى مجلس الأحكام لوقف المؤتمر، ولكنه كان قد أصدر الفتوى التى أوردنا نصها، وذاع أمرها فى جميع أنحاء البلاد، وقابلها الناس بالإعجاب والثناء على شجاعة المفتى ووطنيته، بينما قابلها الخديو بالثورة والغضب وتوعد الشيخ بالشنق. ولما فشلت الثورة العرابية، وقبض الإنجليز على زعيمها أحمد عرابى ورفاقه العسكريين، وألقى القبض على عدد غير قليل من المواطنين المدنيين الذين كانوا يؤدون الثوار وتقررت محاكمتهم أمام المجلس العسكرى، واتهم الشيخ «أبو العلا» أمام المحكمة بتهمتين هما أنه هتف بحياة عرابى وأصدر فتوى بخلع الخديو عن عرش أبائه وأجداده، وكانت إحدى هاتين التهمتين كفيلة فى هذا الوقت بأن تؤدى بأى مصرى وطنى إلى حبل المشنقة أو الإعدام رميا بالرصاص. وأصدر المجلس العسكرى أحكامه طبقا لمشيئة الخديو ووفقا لإرادته، وكانت الإعدام رميا بالرصاص للمفتى مع تجريده من إنجازاته العلمية ومصادرة أملاكه، ولم يهتز الشيخ «أبو العلا» أمام هذا الحكم، وقال «إن الأرض سوف تحملنا بغير إرادتك.. وإن السماء سوف تظلنا بغير رعايتك.. وسأنطق بأذيالك يوم القيامة وأقول: يارب هذا ظلمنى فاقتص لى منه»، ولكنه لم يمض وقتا طويلا وأصيب «أبو العلا» بالشلل وكان قد بلغ ٦٢ عاما، وأصدر الإنجليز أوامرهم إلى الخديو بأن يخفف جميع أحكام الإعدام الصادرة من المجلس العسكرى على عرابى ورفاقه، فنفذ توفيق هذه الأوامر، وقرر نفى الشيخ إلى جزيرة ميلان، ولكن نظرا لمرضه تقرر سجنه فى بلدته «ميت خلف» بمركز شبين الكوم ومنع أى أحد من أقاربه أو رؤيته وظل فى السجن خمس سنوات يقاسى عذاب السجن ويعانى الآم المرض، حتى شعر بأن أجله قرب، فطلب رؤية أبنائه الأربعة وزوجته، فلم يسمح له برؤيتهم ومات دون أن يراهم ويتلقوا منه وصيته. وينتظر أحفاد الشيخ «أبو العلا» وسطنا الآن تحقيق ثورتهم التى بدأت منذ ١٣٣ عاما ودفع أبوهم وغيره من الوطنيين حياته ثمنا ولا تزال الثورة مستمرة. |
تعليقات
إرسال تعليق