ملازم أول «ليلى مجاهد» مسؤول التمريض فى الحرب: المصابون كانوا يطالبون بسرعة العلاج للعودة مرة أخرى للجبهة 

  حوار   ميلاد حنا    ١٨/ ١٠/ ٢٠١٣
ليلى مجاهد
«تجربة مثيرة وفريدة من نوعها ولها مشاعر خاصة لا توصف ولا تمحى من الذاكرة» هكذا بدأت حوارها لـ«المصرى اليوم»، عميد دكتور ليلى عبد المولى مجاهد، أستاذة فى الأكاديمية الطبية العسكرية.. مستشارة فى مستشفى الزراعيين، وفى حرب ١٩٧٣ كانت «ملازم أول» مسؤولة على التمريض بمستشفى غمرة العسكرى.
تخرجت فى كلية التمريض العسكرى سنة ١٩٧٣ وكانت أول دفعة نسائية تتخرج فى الكلية، وأصدرت القوات المسلحة قرارا بتوزيع الخريجين من النساء على الجبهة الخارجية لرعاية مصابى الحرب. وكن مغطيات لجزء كبير من مستشفيات القوات المسلحة فى ذلك الوقت، على حد قولها، فى المنطقة المركزية بثلاث محافظات هى: القاهرة والإسكندرية والإسماعلية وباقى المحافظات لم يكن بها عنصر نسائى.
وقالت د.ليلى «كنت فى مستشفى غمرة العسكرى ونحن أولى الدفعات من المؤهلات العليا التى التحقت بالعمل العسكرى بمستشفى غمرة، ولم يكن للنساء دور على الجبهة، وخصص لهن العمل على الجبهة الداخلية فى الصفوف الخلفية للعلاج والمستشفى الميدانى، والذى كان على الجبهة من التمريض رجال فقط.
وتابعت كان يأتى لنا الجرحى بجميع الرتب، وكنت عايشة فى جو معنوياتنا مرتفعة جدا، وكل الجنود الذين كانوا يأتون معنوياتهم عالية رغم إصابتهم التى قد تكون بالغة، وهم على هدف واحد هو التخلص من العدو الصهيونى، وكان يأتى لنا مدنيون كثيرون يساعدوننا فى المستشفى.
وعن الجنود والضباط المصابين، قالت «ليلى» الجنود والضباط الجرحى معنوياتهم عالية جدا، ودائما كانوا يقولون «امتى نرجع تانى للجبهة» على الرغم من أننا نبقى عارفين إنه خلاص عنده عجز كلى، ولا يصلح للعودة للحرب، ولكنه متخيل أنه ممكن يخف ويرجع تانى على الجبهة مشيرة إلى أن الجنود لم يسألوا مرة على أهلهم أو أى شىء لم يقل أحد أنا تركت أمى أو ولادى، ولكن اهتمامهم الأول الدفاع عن مصر وكيفية رجوع أرضها التى اغتصبت منها. وعن الحالات التى كانت فى مستشفى غمرة العسكرى، قالت، كانت إصابات متعددة وكثيرة منها جروح وكسور وحروق وطلقات نار، وجاء أناس لنا محروقين بالنبال، وكان يأتى لنا جثث متفحمة، وجنود فقدوا أعينهم أو أيديهم أو أرجلهم مشيرة إلى أن المستشفيات الميدانية الموجودة على الجبهة كانت تعمل على فرز الحالات ثم تحول هذه الحالات على المستشفيات الداخلية ثم تعيد المستشفى العملية العلاجية من جديد، لأنه غالبا ما يأتى المصاب بإسعافات أولية فقط.
أشارت «ليلى» إلى أن المستشفيات الموجودة على الجبهة كانت فى بورسعيد والسويس، وفى القاهرة كان أكبر مستشفى استقبل حالات من الحرب هو المعادى العسكرى، ويليه مستشفى غمرة العسكرى ومستشفى الحلمية العسكرى، ومركز التأهيل بالعجوزة، بالإضافة للقصر العينى الذى أخلوه واستقبل حالات كثيرة وجميع المستشفيات الحكومية كانت تستقبل جرحى حرب، واستطاعت استقبال كل الجرحى. وعن أعداد المرضى فى مستشفى غمرة العسكرى التى استقبلتها فى الحرب، قالت عدد المصابين كان يصل إلى ٣٠٠ مصاب وهو العدد المسموح به فى المستشفى، والبعض كان يأتى ويخرج والحالات التى تحتاج جراحة مخ وأعصاب أو جراحات متقدمة وعلاجات متقدمة تتحول إلى مستشفى المعادى، وحالات العظام الشديدة كانت تحول إلى مستشفى الحلمية، ومن كان يحتاج تأهيلا أو أطرافا صناعية يحول لمركز تأهيل العجوزة
وعن زيارات الشخصيات العسكرية للمصابين، قالت أشهر القادة الذين زاروا المستشفى كان المشير أحمد إسماعيل، كان دائما يأتى المستشفى ويشجع الجرحى فكان شخصية له كاريزما عالية مع الجنود، وكان يأتى لنا بشكل دائم الشخصيات العامة مثل جيهان السادات، وأنا أذكر فى إحدى زياراتها كانت تقول للجرحى «أنتم الأبطال الذين رجعتوا مصر ولولا شجاعتكم ما كانت مصر سوف تعود» فكانت قوية فى الحديث وسيدات الهلال الأحمر وسيدات المجتمع الائى كن معروفات وقتها، كما كانت تزور المصابين الفنانة فاتن حمامة، حيث كانت تهتم بتشجيعهم ورفع روحهم المعنوية للقتال.
وعن دور الهلال الأحمر فى المستشفيات قالت، كانوا يأتون وقد غطينا العملية التمرضية والعلاجية كاملة وكانوا يأتون لمساعدة الجرحى على الأكل والشرب، ويعملون على تشجيع العامل النفسى بأحاديث عن مكانتهم فى الحرب وإنجازاتهم ويرفعون من روحهم المعنوية، مشيرة إلى أن جميع المستشفيات لم يكن بها عناصر أجنبية تساعدهم فى التمريض أو الدكاترة، فكانت المستشفيات جميعا تقوم على العسكريين والمدنيين فقط لا غير.
وعن أصعب الحالات التى شاهدتها فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، قالت «ليلى» الجنود المصابين فى جراحة المخ والأعصاب والقلب لم تكن سهلة لأى مستشفى لعلاجها، وكان تحول على الفور للمعادى العسكرى. وعن عمل الممرضات فى المستشفى أثناء الحرب، قالت قسمت الممرضات البالغ عددهن حوالى ٥٠ ممرضة إلى فرقتين تعمل كل فرقة ١٢ ساعة، وأحيانا كنا نتواصل لأكثر من ١٢ ساعة لكثرة الحالات، وهذا الوقت كنا نفتقد إحساس الأكل والشرب، كان ينتابنا إحساس وطنى عال، وغيرة على بلدنا للنصر. وتابعت «الناس المدنيون كانوا يساعدوننا كثيرا وأذكر أنهم وقت الحرب منعت المركبات الحربية من نقل العسكريين وكنت أتنقل بالأتوبيس، ومن تعب العمل كنت أنام فى الأتوبيس لدرجة أن الكومسارى أصعب عليه وميرضاش يصحينى، ولما أوصل لآخر الخط يقولى إنت ساكنه فين ويوصلنى مخصوص حتى المنزل بالجيزة، وتكرر الموقف هذا أكثر من مرة». وعن الروايات المؤثرة من مصابى الحرب قالت «ليلى» أحد الجنود حكى لنا أن الرائد عبد الرحمن الأدهم ضحى بنفسه عشان احنا نعيش حيث كان هناك دشمة مستعصية علينا، ولم نكن نستطيع تخطيها فالرائد عبدالرحمن قائد الفرقة هو من تصدر الدخول وانفجرت فيه عبوة ناسفة والفرقة دخلت خلفه، فهذه الذكريات للجنود حكوها وهم متأثرين جدا بالمواقف البطولية للقادة.
وأشارت دكتورة ليلى إلى أن العديد من أبطال حرب اكتوبر منسيون، ولم يكرم أحد منهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

«برج القاهرة».. 50 عاماً على أكبر فشل لـ«المخابرات الأمريكية»

فى ذكراها المئوية.. رحلة للخلف: الحرب العالمية الأولى 4 سنوات «خراب» فى مصر

السواد يعم "الفيس بوك" و"تويتر" والبعض يرفعون شعار '' الهلال مع الصليب''